طبيعة السواحل

طبيعة السواحل

الجمعة، 2 سبتمبر 2011

التغيّيرالمشروط وفلسفة التغيّر التاريخي عند الشهيد الصدر.

التغيّيرالمشروط وفلسفة التغيّر التاريخي عند الشهيد الصدر

بقلم – جعفريتيم
يعطي المفكرالشهيد السيد محمد باقرالصدر(رح) بحثاً قرآنياً رائعاً في هذه الآية  الشريفة ( إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ) (1) والذي أشبعها بحثاً في فلسفته للتاريخ مع إستدلالات ونماذج علمية وموضوعية معاصرة, وفي الحقيقة أن هذه الآية الشريفة مع مجموعة من الآيات القرآنية الأخرى ( وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقًا ) (2 ) (وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا ) (3) (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (4) (وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِم مِّن رَّبِّهِمْ لأَكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَاء مَا يَعْمَلُونَ) (5) (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ ) (6) هذه الآيات كانت محور بحث الشهيد الصدر (رح) مع إعطائها واقعاً علمياً وعملياً معاصراً للإنسان (الفرد) والجماعات والأمم والدول على حد سواء , كما كان يطرح بعض الامثلة في الفترة التي عايشها مع الواقع العلمي والحراك السياسي العالمي ورده على بعض الفلاسفة الغربيين والنظريات الحديثة , الشهيد الصدر وبكل بساطة يريد أن يقول وباختصار شديد إن لم تغيّر مابباطنك الداخلي لم تتغّير وهو التغيّير الروحي والنفسي لهذه الكيانات بمجموعها وهي القاعدة الأساس في التغيّير كما هي حركة التاريخ في تغيير شئون الفرد والأقوام والأمم في أوضاعها وظواهرها وأبنيتها, فهي الفلسفة التي وقف عليها الشهيد مراراً في بحثه حول هذه الآية والتي أطلق عليها (القضية الشرطية / الشرط والجزاء) وعدّها في فلسفته شكل من أشكال السنن التاريخية والتي تؤكد العلاقة بين الشرط والجزاء بمعنى آخر أن هذا الكيان ما أن التزم بقاعدة التغيير وبمعاييرها وشروطها كانت له نتيجة إيجابيه وهي الجزاء , أي أن الإنسان أو الجماعة أو الأمة أو الدولة إذا لم تغيّر ما بباطنها لايحصل تغيّر وهو قانون سنني تاريخي كما هو قانون علمي .(7)
المرحوم السيد الصدر في فلسفته التاريخية والواقعية هذه يلامس ويضرب بوتر حساس لواقعنا في العالم العربي الراهن على الأقل في الواقع السياسي والحقوقي والاجتماعي المتردي هذه الأيام بهذه الفلسفة التاريخية المستنبطة من آيات القرآن الكريم , وهي الفكرة التي نستخلصها من بحثه على أن حكومات الدول العربية التي تتحدث وتتشدق باسم الإصلاح والتغيير ومفاهيم الحرية والعدالة والمساواة وحقوق المرأة الى غير ذلك من مبادئ حقوق الإنسان , إذا لم يحصل التغيّير في باطنها الداخلي بصدق وأمانة وإخلاص لايتغير منهجها وأسلوبها ولن تخطو خطوة واحدة الى الأمام بل سيبقى الوضع على ماهو عليه , مما يؤدي الى تراكم القضايا والمشاكل السياسية والحقوقية ويزداد سخط العامة من الناس على حكامها وحكوماتها , وتتجاوز هذه السنة الى سنة تاريخية أخرى من سنن التاريخ تكون قاسية ومذلة في التغيير التاريخي على أنظمة وشخوص الظلمة وأعوانهم وتكون امتحاناً وتمحيصاَ للمستضعفين والمحرومين , على أن الظلم والإضطهاد لايدوم كثيراً, وأن الأنظمة والدول الظالمة والمارقة زائلة كما زال فرعون وهامان سابقاً وصدام وبن علي و مبارك والقذافي لاحقاً , وهي سنة إلاهية كونية قد تحققت من قبل والآن وسوف تتحقق في المستقبل القريب , والله لايخلف وعده للمستضعفين والمحرومين وقد وعد ذلك بنصرهم (وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ) (8).
_____________________
26/8/2011
1-سورة الرعد الآية 11.
2-سورة الجن الآية 16
3-سورة السراء الآية 16
4-سورة الأنفال الآية 53.
5-سورة المائدة الآية 6 6
6-سورة الأعراف الآية 96
7- راجع ( ملحق ) بحث السيد الصدر في ملحق كتاب (المجتمع والتأريخ) للشهيد مطهري , ترجمة محمد علي آذر شب ,الطبعة الأولى 2008.
8-سورة القصص الآية 5

إزدواجية الأنظمة في التعاطي مع الأمير.

إزدواجية الأنظمة في التعاطي مع الأمير
بقلم-جعفريتيم
ميكافيللي ذلك المفكر والمنظر السياسي الإيطالي المعروف والشهير بآرائه وأفكاره الماكره والشريرة لتعاطي الدولة مع شعبها , ورغم آرائه تلك المجحفة للبشرية والإنسانية في إيديولوجيته السياسية المادية واللاأخلاقية للحكم وتحقيق الفن الممكن بأسلوب ومنهجية المكر والخديعة والفتك بتسيّير أمور الدولة ,الا أن لهذه الشخصية أراء وطنية محترمة ومهمه من خلال تجاربه السياسية في مدينته فلورنسا بايطاليا لايمكن الإستهانه بها , يمكن للساسة والمسؤلين في الحكومات والأنظمة المستبدة أن يتعلموا منها بدلاً من اتباع سياسة معادية للشعوب ومن هذه الآراء / اعتماد دولة ما على دولة أجنبية في الدفاع عن أراضيها يعتبر نكبة تؤدي الى ضياع الدولة الأولى / وكذلك رأى ميكافيللي أن سلامة الوطن يتطلب بناء جيش وطني بدلاً من الاعتماد على الجنود المرتزقة   .
نكتب ذلك ليس حباً في شخصية ميكافيللي الفكرية كفيلسوف سياسي والذي أصبح إسمه ملازماً لصفات الشر والخديعة والمكر ونقض العهود والمواثيق , ولا تمجيداً بفكره السياسي اللاإنساني ,ولا قناعةً بأرائه وأطروحاته الشريرة ولا استلاهماً بكتابه الأمير , وإنما واقع الحال السياسي والتاريخي لمن أجتهدوا واستلهموا بالإستفادة من كتابه وترجمة مافيه على أرض الواقع على أن يترجموا كذلك بعض هذه الآراء والأفكار ( التحررية ) إن صح التعبير التي أتى بها ميكافيللي مع شعوبهم ,واقعاً إن كتاب الامير المعروف لميكافيللي أكاد أجزم أن ليس هناك سياسياً أو مسؤل دولة أودبلوماسياً في العالم لم يقرئه أو على الأقل قرأ ولو شيئاً يسيراً منه فقد كان زعماء وحكام أوروبا من أمثال هتلر وموسولوني والداهية بسمارك وغيرهم من الزعماء قد قرأوا ذلك واستلهموا فكر ميكافيللي الشريروطبقَوا ذلك في منهجيتهم لنظام الحكم وتعاطي أجهزة الدولة مع عامة الشعب خصوصاً مع من يناوئها ويعارضها.
 مايهمنا في ذلك بصرف النظر عن شخصية ميكافيللي الجدلية وآرائه وأفكاره الشريرة التي وبحسب تعبير جملة من الكتاب والمهتمين بالفكر السياسي والإداري أنه قد جلب الشر للبشرية من خلال كتابه (الامير) إلا أن الساسة والأنظمة في تاريخنا المعاصر قد أخذوا ماتتفق مصالحهم السياسية مع فكرالأمير ليبقوا عقود من السنين متحكمين في رقاب الناس بمنهجية الخداع والمكر ونقض العهود , أي انهم أمعنوا كثيراً وغالوا طويلاً في المنهج الميكافيللي , وتركوا ما تتطلع اليه شعوبهم من تحرر وإرادة في إختيار ماتصبوا وتطمح اليه تلك الشعوب المناضلة ولذلك تتضح الإزدواجية في التعاطي مع هذه المنظمومة (الميكافيلية) السياسية والفكرية من التعاليم والآراء لهذه الشخصية .
25/8/2011