طبيعة السواحل

طبيعة السواحل

الثلاثاء، 8 ديسمبر 2015

لماذا سواحل سماهيج ؟


بقلم : د.عبدالأمير زهير 



كنت اسرح من وجهك يا جعفر واتنقل في قسمات وجهك الجميل يا جعفر متخطيا مسافات الزمن. . وأنا أدرج على أرض سماهيج المؤنسة ؛ ﻻ بل أغوص في تربتها الناعمة. . ثم تظلم الدنيا علينا. . فنفترشها ونعلي من رملها مواسد نرتمى عليها فتحضننا. . ونحن نتسامر - نعيد ذكريات يومنا المعاش- ﻻ شغل لنا بما قبله، غير المفرحات المضحكات من الحكايا البريئة ، ثم تاخذنا الرملة الصفراء في سبات مريح . . أو حلم جميل. .
أه.. أم. نظرات جعفر ونبراته الودية ، المشبعة بحب المكان والزمان والتلهف على الماضي القريب والبعيد لسماهيج البقعة والإنسان. . ذكرتني بغداء العيد في بيت أبو علي حجي حسن السلم (الحايكي)، حيث صحبتي مع ابنهم إبراهيم -عافاه الله.. وجعفر لم يقصر بتجواله الهادئ بنا على الساحل من قلالي وسماهيج حتى الدير. . وصخيب الساحل يطربنا. .ثم عرج على العمق في دوحة الحلة.. يصف جمال أبوابها البحرية الممتدة في غمار اليابسة. . وكأنها قوارير سليمان النبي (إنه صرح ممرد من قوارير).. يأخذنا الباحث ببراقه إلى جزيرة جردي، ولا يتوقف فيها.. ونصل إلى جزيرة خصيفة مشيرا إلى كواكبها الثﻻثة النابعة التي تروي قرية الدير.. ثم حط براحلته في رأس رية العذب هواؤها المنعش نسيمها.. وأخذ يستعرض الوصافين لها أقارب وأباعد ؛ وقد كان نصيب لوريمر في دليل الخليج ، النصيب الأوفر. . لوصف المعالم من عيون وقصور ومبان وساحات مسابقات، وسواحل ذات بهجة من صخور وفشوت شبه مستوية وكأنها من جنات عدن. .ونتصفح الكتاب لنقده: فنجده وقع في 177 صفحة، نشر في (فراديس للنشر والتوزيع) في مملكة البحرين.. وبخط مناسب جدا، وقد عزز بصور فوتغرافية مناسبة وفاعلة في إصال المعلومات للقارئ وبالخصوص خالي الذهن من طبيعة المكان والزمان لسماهيج. . كما كان السرد مبوبا في اختصار شديد؛ لكنه لم يخل بالمعنى المراد المفيد. . وأغلب انطﻻقة الباحث جعفر يتيم من مصادر تعد معتبرة. . أو من مرويات عززها بتصديقات ثانوية فجاء جلها مقبوﻻ لدى المنهجيين المنصفين ؛ وليس كلها. .

أما الهوامش فقد بوبها بالترقيم حسب الصدور وخصص لكل فصل صفحة على الطريقة الأمريكية الحديثة. . مأخذي على عدم تلوين الرسومات أو الصور، وإن كان راجعا للقدرة المالية المتواضعة للباحث، غير أن ألوانها كانت ستبهج القارئ وتعيشه الزمن، وبالأخص من له فيها ذكرى أو خبرة، أما صورة الغﻻف فمناسبة.. كما هو العنوان فهو مسلول من صميم موضوع البحث. . وتقديم الدكتور علي هلال ابن الظرفين المكان والزمان وصاحب الحس والعلم والقلم، فقد أعطى الكتاب رونقا ومتانة ورصانة بمثابة وثيقة صكية أو حجية ملكية. . فعندما تكمل قراءة الكتاب فسترى لماذا السواحل السماهيجية ؟ وستعرف جعفر ذلك الشاب المهووس بارضه ووطنه وإنسانهما..


8 ديسمبر 2015م

الجمعة، 17 يوليو 2015

للعام الثالث على التوالي / أهالي سماهيج يحيون حادثة يوم العبيد الصِلاّح .



كتب – جعفر يتيم


رغم قسوة المناخ بحرارته المرتفعة والرطوبة الخانقة أحيا أهالي سماهيج الذكرى السنوية للوقعة التاريخية الأليمة والشهيرة المعروفة بوقعة (العبيد الصِلاّح) وذلك عصر يوم أمس الخميس بتاريخ 16-7-2015م المصادف لـ29 رمضان 1436هـ في مقبرة سماهيج وفي الجزء المخصص لساحة قبور وأضرحة الشهداء في جنوب شرق المقبرة التاريخية ، وبحضور جمع من أبناء المنطقة ، وفي حين التجمع والإستعداد للإحياء قرأ الحضور سورة ياسين وتم إهداء ثوابها إلى أرواح الشهداء الأبرار للمجزرة ولشهداء الوطن، وقد أستهلت الفعالية بقراءة آيات من الذكر الحكيم ألقاها على مسامع الحاضرين القارئ الناشئ أحمد محمد المهدي .

الدعوة لتوثيق العبيد الصلاح :
كانت أولى فقرات الفعالية كلمة للباحث الأستاذ حسن الوردي تحت عنوان (واقعة سماهيج) والذي أكد فيها على أن وقعة سماهيج ليست هي الحالة الأولى ولن تكون الأخيرة في سجل الترصد والغدر لشيعة أهل البيت (ع) ، وأضاف الوردي فمنذ القرن الأول الهجري وبالتحديد في سنة أربعين للهجرة كان ضحية هذا الفكر التكفيري هو الإمام علي (ع) حيث تلقى ضربة الغدر والحقد وهو قائم للصلاة في مسجد الكوفة وحال شهداء المجزرة كانوا في حالة انقطاع لله وهم يؤدون الصلاة ، وأضاف الوردي بالأمس القريب كان أسلوب الغدر ايضا بالقديح ومسجد العنود بالدمام ومسجد الإمام الصادق (ع) بدولة الكويت وحتى بحريننا كان لها نصيب من غزوات هذا الفكر الدموي ، وأشار الوردي إن ما حدث في جزيرة النبي صالح من مجازر ليست ببعيدة عن وجدان أهل البحرين ولفضاعتها كانت تسمى كربلاء العصر ، وأكد الوردي أن قضية العبيد الصلاح ماهي إلا واحدة في هذا السياق ، وفي تساؤل له يقول الأستاذ الوردي ... لماذا تركزت هذه الغزوات الدموية في جزيرة النبي صالح وسماهيج ؟ اعتقد لأنها جزر معزولة عن المحيط .
وفي ختام كلمته دعا الوردي الباحثين والمهتمين بالتراث والتاريخ البحراني إلى المزيد من البحث والتنقيب والتوثيق في مسألة واقعة العبيد الصلاح حيث قال إن هذه الواقعة تستحق اهتماما أكبر من الباحثين لانها تشكل مفصلا مهما لتاريخنا وتضحيات آبائنا وأجدادنا ، ومحبتهم وولائهم الشديد لهذه الأرض الطيبة وإصرارهم على التشبث بها وعدم مفارقتها على رغم المحن والمصائب التي تعرضوا لها .

هناك تلاقي في الاخوة بين الشعبين البحراني والعماني:
وفي الفقرة الثانية ليوم العبيد الصلاح سلّط الباحث والأستاذ عيسى العرادي الضوء في كلمته حول المقتطفات المهمة من تاريخ عمان المعاصر وتحدث عن العلاقات التاريخية والأخوية الوطيدة التي تربط الشعبين البحراني والعماني ، وبدوره أكد العرادي أن هناك علاقات أخوية وطيدة بين الشعبين البحراني والعماني وأهم ملامحها العمل والتزاور والأهل والتزاوج والنسب فيما بينهما ، وأضاف العرادي أنه للرجوع ما قبل الخمسين أو الستين سنة الماضية كان العمانيون يأتون للبحرين للعمل فيها في الزراعة والفلاحة وركوب البحر والبناء وقد كان للعمانيون دور كبير في حركة سوق العمل على أراضي البحرين فقد ساهم العمانيون بالكثير من الأعمال لآبائنا في البستاين ، وأشار العرادي إن الإنسان العماني ليس بغريب عنا فقد أصبح جزء من العائلة البحرينية فقد عمل وأنتج وساهم وتزوج وأنجب له أولاد على أرض البحرين ، وأكد العرادي نرى في الأزمة الأخيرة للبحرين بكل وضوح أن هناك انعكاس للعمل الشعبي في الجانب العماني على البحرينيين خاصة بالترحيب والتسهيل لهم بل بأحتضانهم في العمل والمأوى ، وأضاف إنما يدل ذلك على أن هناك تلاقي في الاخوة والأخلاق والإنسانية بين الشعبين ، وعن ما يخص موضوع وقضية العبيد الصلاح وتجربته مع مؤسسة التراث القومي العماني أوضح العرادي أنه قام بزيارة سلطنة عمان وشاهد الترحيب وكل الإحترام من قبل الأخوة العمانيين ، حيث  تجربته الرائعة مع مؤسسة التراث القومي العماني قد أوضحت له الحفاوة والطيبة والكرم العماني وتقبلهم وانفتاحهم على الآخرين من غير المذهب الواحد ، وقد أخبرهم بوقعة العبيد الصلاح وأن هناك مقبرة خاصة تضم رفات الشهداء وموقعها في الجزء الشرقي والجنوبي من مقبرة سماهيج ، وأضاف أن المسؤولين بالمؤسسة بادروا بإرسال مصور وكتابة تقرير عن المقبرة .

السلام التاريخي الخالد :
وفي الفقرة الثالثة والأخيرة كان للأدب والشعر حضوره في يوم العبيد الصلاح فقد ألقى الكاتب والشاعر ميثم علي مسعود قصيدة شعرية بمناسبة هذا اليوم تغنى فيها بالشهداء الأبرار ، وسلامه التاريخي الخالد من الأحفاد إلى الآباء والأجداد الشهداء السعداء ، سلام الذكرى والفخر والتاريخ والمحراب ، وقد حملت القصيدة رسالة متعددة الأفكار في مفردات السلام والورود والتاريخ والشموخ والمحراب والصلاة وعشق العلياء والشهداء العظماء وعيد الفطر وغيرها من مفردات تعكس لبعض ملامح وآثار المجزرة التاريخية ، وفيها هذان البيتان :

 ماجت سماهيج حزنا يا لفجعتها                وأسبغ العيد دماً قانيا غدقا .

وفي ختام الفعالية تمت قراءة سورة الفاتحة وإهداء ثوابها إلى أرواح شهداء مجزرة العبيد الصلاح ، يذكر أن هذه الفعالية التي أطلق عليها الأهالي بـ( يوم العبيد الصلاح ) تقام للعام الثالث على التوالي في آخر يوم خميس من شهر رمضان لتأبين وتخليد الشهداء والجرحى الذين سقطوا في هذه المجزرة التاريخية المروعة ، ويقوم بتنظيمها ورعايتها هيئة الوسيلة إدارة العمل الإسلامي بقرية سماهيج وبالتعاون مع الجمعية الحسينية ، ويعتقد بحسب الرواية الشفهية التي يتناقلها الأجيال وبحسب بعض النصوص التاريخية أن هذه الحادثة وقعت في يوم عيد الفطر المبارك لعام 1130هـ/1717م  في إحدى الحملات العمانية على البحرين وراح ضحيتها العشرات من أهالي جزيرة سماهيج ، وكانت لهذه الحملة العمانية والمجزرة تداعيات وآثار خطيرة على المجتمع البحراني آنذاك من خلال أساليب القتل والنهب ، وتدمير المساجد والبيئة العلمية والدينية ، وهجرة العلماء وأكابر شخصيات البلد إلى البلدان المجاورة .




__________________
الجمعة 30-رمضان-1436هـ / 17-7-2015
مقبرة سماهيج – ساحة الشهداء