طبيعة السواحل

طبيعة السواحل

السبت، 30 أكتوبر 2010

المعالم الساحلية لسماهيج (5)

مصائد الأسماك (الحضوروالمساكر)

بقلم-جعفريتيم
تعتبر هذه الوسيلة من وسائل وطرق الصيد المعروفة قديماً لدى أهالي المنطقة  التي تطلق عليها حضور ومفردها (حضرة) ومساكر ومفردها (مسكر) , وتعتبرالحضور والمساكر إحدى المعالم الظاهرة للعيان في الساحل الشمال الشرقي التي تُزين سطحه كالنجوم بانتشارها في السماء,  وفي تقرير مسجل في ثلاثينيات القرن الماضي توجد هناك 868 من هذه المصائد بمافيها مصائد الساحل الشمال الشرقي للجزيرة (فحسب تقرير عن مسح اعد عام 1934 فهناك 868 حضرة منتشرة حول الشواطئ في نصف البحرين الشمالي ) (1)  وفي تقرير صادر عن الهيئة العامة لحماية الثروة البحرية والبيئة والحياة الفطرية في البحرين لعام 2009م , يذكر أن عدد مصائد الأسماك الثابتة (الحظور) المنتشرة حول سواحل البحرين تبلغ 1055 حظرة، (2) ,وهذه الطريقة لصيد الاسماك عادتما تكون في المياه الضحلة وتعتمد على ظاهرة المد والجزر مرتين في اليوم الى أن تخطت هذه الظاهرة الساحل ذاته وامتدت في النصف الثاني من القرن الماضي الى منطقة رأس الحد (البلدة المأهولة) في موقع جزر أمواج حالياً وكذلك في الشمال في فشت الجارم ويقوم نصبها في سطح البحر على هندسة وفلسفة معينة لاصطياد الأسماك ومالم تتخذ الشكل الصحيح والمطلوب فإنها لاتؤدي الغرض المطلوب ولذلك فطن الخبراء من البحارة في صناعتها ومن ثم نصبها لكي تتخذ طريقة معينة في نصبها مع مراعاة الاتجاه وسريان الماء في ظاهرة المد والجزر, واهتم الأوال من اجدادنا في صناعتها وهندستها وبدى ذلك واضحاً في كثرتها وانتشارها الواسع على الساحل وتؤرخ صاحبة كتاب جزر البحرين انجلا كلارك مشاهداتها للمصائد (اتجه يسارا واتبع الطريق المحيطة بالمطار التي ستوصلك الى اقصى شمال المحرق وجزر البحرين بشكل عام وبامكانك ان ترى بمحاذاة الشاطئ مصائد السمك (الحضور) (3) وتعتبر هذه الوسيلة مصدر رزق الأهالي في صيد الأسماك وقد تكون مهنة ثانية أخرى لبعض الأفراد كما كانت كذلك قبل طمر البحرفي السنوات الأخيرة (وصيد البحر المحلي مربح ويعيش عليه جزء كبير من سكان الساحل ويصاد السمك بالشباك أو بعمل قضبان حاجزة أوسياج يسمى حظرة ( أوحظيرة) تصنع من الغاب وبعضها يحيط بمساحات واسعة ) (4) ,.وفي يوم نصبها يحملون معهم العدة ومستلزمات البناء وبعض من الأطعمة والشراب والأكلات الشعبية مثل البلاليط والعصيد والنفور... الخ  وكم هي القصص والحكايا التي يحملها البحارة وشباب المنطقة في ذكرياتهم في حين بنائها إذ أن هذه الظاهرة تعبّر عن الجانب الاجتماعي وحالة الألفة التي يتحلى بها أهل القرية الذي عرفته طوال التاريخ  ( ومن صور التعاون بناء الحضور وخاصة ( السر) حيث نجتمع نحن الصبية مقابلين الرجال وكل واحد منا ممسك بحبل يعمل به أحد الرجال في الطرف المقابل , ومايشجعنا على ذلك العمل هي الفواكه التي يقدمها صاحب الحضرة بعد الإنتهاء من السر على أن يكون الأكل فوق السر , وعادة تكون فاكهة العنب , ويذكرني العنب دائماً بعمل الحضور قديماً ) (5)
ولاهمية انتشار هذه المصائد البحرية على طول الساحل لفترات تاريخية فقد دخلت هذه المصائد ضمن الإتفاقيات والمعاهدات السرية بين حكام المنطقة كما حدث بين أمير جزيرة قيس غياث الدين ابن الأمير تاج الدين جمشيد وأمير الدولة العيونية الفضل بن محمد بن أبي الحسين العيوني في عام (606هـ -1209م ) ومن بين الشروط المتعلقة بالمصائد البحرية في الاتفاقية الشرط الخامس أن يكون مافي ظهر الحورة وسماهيج من مساكر السمك الى زوران لأمير جزيرة قيس (6) , ويتبين من خلال النص أن سواحل سماهيج كانت غنية بهذه المصائد والا لما اشترط أمير قيس هذا الشرط , وتتخذ هذه المصائد أسماء معروفة لدى البحارة بعضها يكون موقوف لدى الأوقاف الحسينية للمآتم القرية وبعضها تتبع عوائل معينة للأهالي المنطقة منها ما تقع بالقرب من الساحل وتسمى البريات ومنها ما تبعد عن الساحل في منطقة الحرف والشمال وتسمى البحريات ومن أسماء المصائد المشهورة (الحضور) زبيدة , المغركة, الخيط , الهاشمية , الفدى ومن (المساكر) مسكر مهدي , أولاد حسن ,القوة وغيرها من الحضور والمساكر (7) , وتعتبر مصائد المساكر والحضور هي الوسيلة الثانية لدى أهالي المنطقة بعد طريقة الصيد بالقراقير وتشتهر بصيدها لسمك الصافي والقرقفان والحواكيل وغيرها من الأسماك , الا أنه في خلال الربع الاخير من القرن العشرين ازيلت أغلب هذه المصائد وانخفضت بسبب عمليات الردم والطمر والدفان الذي تعرض له الساحل الشمال الشرقي لجزيرة المحرق ومعظم سواحل البحرين  ماتسبب في حرمان الاهالي من ممارستهم لمهنة الصيد , وفي تقرير صادر من الإدارة العامة لحماية الثروة البحرية والهيئة العامة لحماية الثروة البحرية والبيئة والحياة الفطرية (أن إجمالي عدد الحظور التي تمت إزالتها بسبب أعمال الدفان تبلغ 218 حظرة من إجمالي عدد الحظور المرخصة والبالغ 300 حظرة. وأشار التقرير الذي عُرض على لجنة التحقيق البرلمانية في الدفان البحري، أن المناطق الشمالية شهدت حركة ردم وحفر في المدينة الشمالية، ومرفأ البحرين المالي، وديار المحرق، وجزيرة اللؤلؤ وغيرها، وأن صيد الحظور تأثر في هذه المناطق وتم إزالة 70 حظرة مرخصة عند دفان المدينة الشمالية، كما تمت إزالة 75 حظرة في جد الحاج والقلعة وكرباباد لمشروع المنارة. ولفت التقرير إلى أنه تمت إزالة 11 حظرة خلال دفان مشروع ديار المحرق، و40 حظرة عند ردم جزر أمواج، و22 حظرة في قلالي ) . (8) 


أولاً- الحضور:
وسبب التسمية كما هي شائعة عند البحارة أنها تحضر الأسماك عن الخروج من المصيدة , وتتكون الحضرة على شكل حرف v)) مقلوبة من الأعلى الى الأسفل وتبنى بجريد النخيل بشكل مصفوف ومنتظم وتشد أجزائها بواسطة الحبال في قاع البحر , وفي النصف الثاني من القرن الماضي استخدمت الأسلاك الحديدية الخفيفة مع جريد النخيل وبذلك تطور عمل الحضرة عن السابق بعد أن كان الحرفييِِن يصنعون الحضرة بجريد النخيل والحبال لمدة طويلة من الزمان أصبح صنع الحضرة بمدة أقل بوضع جريد النخيل مع الأسلاك معاً في صناعتها .
وتتميز الحضرة بخصائص معينة فإن الأمر الأساسي في بنيانها أن يكون وضعها منفرج من الاعلى الى الأسفل على شكل (v) إذ انها تتخذ في فكرتها فلسفة وفن هندسي معين في مقابلة الساحل واتجاه (المايه) مياه البحر في أثناء تحول الظاهرة من المد الى الجزر لبقاء الأسماك فيها ويقوم على عمل بناء الحضرة خبراء متخصصون لهم دراية ومعرفة في بناء الحضور وهم معروفين بالأستاذية وقد عرف الكثير منهم قديماً ومهم المرحوم الحاج معيوف ابراهيم والمرحوم الحاج حسن بن سلمان ,وسيد جواد الهويدي وغيرهم من الأساتذه الخبراء في تركيب الحضور.
وتتكون مصيدة الحضرة من ثلاثة أجزاء رئيسية السروالرحاب والمد بالإضافة الى فناء الحضرة وهناك طرق أخرى متنوعة ومختلفة في بناء شكل الحضرة في البحرين وفي عامة سواحل الخليج .


1- السر:-
 وهو رأس المصيدة (الحضرة) ومركزها والمحل المعتمد لاصطياد الأسماك كالكماشة, ويكون في الأعلى بشكل دائري مفتوح في وسطه بمثابة الباب الذي يدخل منه الأسماك في حالة حدوث الجزرويوضع فيه ثلاثة قراقير في الامام وعلى الجانبين ليدخل السمك في القراقير , والسر هو محل استحصال الأسماك ويكون ارتفاعه في العادة أقل من القامة الواحدة وذلك لمايتناسب مع طفو ماء البحر ويصغر حينما يكون ملاصقاً بالساحل و وبحلول ظاهرة الجزر ينخفض منسوب الماء حينئذ تبقى الأسماك في السر ومن ثم اصطياده عن طريق (المسلاة) ويوضع السمك في (المرحلة أو الجراب )المصنوع من سعف النخيل.


 2- الرحاب:-
أحد مكونات الحضرة ويتخذ شكل المستطيل في هندسته بطول عشرة امتار تقريباً يتوسط مابين السر ومابين المد وعرضه خمسة أمتار وارتفاعه متساوي مع السر ويتشكل ذلك برحابين  واحداً على اليمين والثاني على شمال الحضرة وفلسفته انه يجمع الأسماك من الخروج من الحضرة الى ان تتجه الى السر.

3- المد:-
وهو المكون الثالث للحضرة , ويمتد من الاعلى الى الاسفل ولذلك سمي (مد) بشكل متساوي من بدايته الى نهايته ويقل ارتفاع المد عن الرحابين والسرارتفاعه متر واحد تقريباً ,ويتكون هذا الجزء من مدّين متقابلين ( جناحين ) ذات مساحة واسعة , وامتدادهما يجمع الاسماك ويحتويها من الخروج خارج الحضرة على أن تتجه الأسماك بداخل السر.
بالإضافة الى فناء الحضرة (الحوش) وهو فناء واسع يسمح بدخول الأسماك والحيوانات البحرية لكي تمر الى الحضرة وتجول ومن ثم الى السرلعملية الاصطياد (لمباراة) .


ثانياً- المسكر:
مفردها مسكر وجمعها مساكر وهي من المصطلحات البحرية الدارجة لدى أهالي المنطقة , والمسكر أقل بناءً من الحضرة الا أنه في بعض المواسم السنوية خصوصاً موسم الشتاء أكثر استحصالاً للصيد من الحضرة , ويتخذ المسكر خصائص ومميزات بناء الحضرة في الفن والهندسة والاتجاه والشكل الا أن الاختلاف بينهما يظهر في الجزء الثاني و الثالث (الرحاب والمد)  , فبينما تتكون الحضرة من ثلاثة أجزاء أساسية وهي ( السر,الرحاب, المد) فإن المسكر يتشكل من سر ومد طويل دونما وجود سياج من الأسلاك بل يتكون بحجارة كبيرة (صخورمرجانية) توضع متراصه بشكل طولي ذات ارتفاع معين يبلغ نصف المتر ليكون صاداً عن خروج الأسماك من فناء المسكر, هذا بالنسبة للمساكر البعيدة عن الساحل التي يطلق عليها البحريات فإن المساكر التي تبنى بالقرب من الساحل كانت قديماً تبنى بالحجارة بدون جريد النخيل والأسلاك الحديدية وذلك لضحالة المياه الا أن هنالك مساكر شوهدت في السنوات الأخيرة يتكون سرها من الجريد والأسلاك الحديدية لضمان عدم خروج الأسماك منها .

مسكر مهدي
شهد الساحل الشمالي الشرقي لجزيرة المحرق ( سماهيج التاريخية ) لفترات تاريخية سابقة العديد من مصائد المساكر القريبة من الساحل والبعيدة عنه التي تعرف عند البحارة (البحريات والبريات) وقد تعددت هذه المساكر بأسماء ذات شهرة عالية من قبيل أم شنين والجوجب والعقربانة والقرعة وبعضها على أسماء الأسر والعوائل في سماهيج مثل القوة وخرفوش واليتيم والمعلم وأبوسنيدة وغيرها من الأسماء الا أن مسكر واحد من هذه المساكر التاريخية أعتبر عند البحارة من أفضل المساكر في المنطقة وذلك لموقعه الاستراتيجي والجغرافي الذي يمكنه من صيد أكثر حصة من غيره من المساكر الأخرى وهو مسكر (مهدي) أو مايعرف بأولاد مهدي.
ويعتبرمسكر مهدي من أوسع المساكر والحضور البحرية شهرة عند أهالي سماهيج والمنطقة وذلك لكثرة مايصطاده من أسماك خصوصاً سمك الصافي , يقع المسكر بمنطقة الحرف الشريط المرجاني الضحل المعروف في الشمال من حضرة الفسيلة ومن الشمال الغربي للقصار ومن الشرق لحضرة الزين وفي الجنوب من حضرة المعترضة , يعرف بمسكر أولاد مهدي وشهرته (مسكر مهدي) والتسمية الرسمية في إدارة الثروة السمكية  تحت اسم (الشويخ), وللمسكر نظام تناوبي يجري اعتماده سنوياً بين أفراد عائلة المرحوم الحاج مهدي , والمسكر ذاته مضرب المثل للبحارة بوفرة الصيد , يمتاز عن غيره من المصائد على أن ماية الليل تكون لبياض السمك وماية النهارلسمك الصافي , تعرض مؤخراً في السنوات الأخيرة للطمر والتغييب تحت انشاء جزرأمواج وبذلك فقدت المنطقة أحد أهم مظاهرالصيد وأشهرمعالمها التاريخية في الشمال الشرقي من ساحل الجزيرة .

 30-10-2010

__________

1-جزر البحرين , انجلا كلارك – ص(162) ترجمة د.محمد الخزاعي
2- صحيفة الوسط البحرينية عدد (2571)
3- جزر البحرين ,انجلا كلارك - ص (213) ترجمة د.محمد الخزاعي
4- دليل الخليج القسم الجغرافي ,الجزء الأول ص (306)
5- أنظر نشرة الوسيلة –العدد (الخامس) صفحة سماهيجيات,عمود ذكريات.
6- مجلة الوثيقة ,العدد الأول –ص(31)
7- أنظر سماهيج في التاريخ – ص (142-143)
8- صحيفة الوسط البحرينية عدد (2576)

الاثنين، 25 أكتوبر 2010

المعالم الساحلية لسماهيج (4)

الممرات المائية (الأبواب)


بقلم-جعفريتيم
يحيط بالساحل الشمال الشرقي للجزيرة شريط عريض من الصخوروالشعاب المرجانية , لكن كلما اقتربت من الساحل تنتهي هذه الشعاب والصخور ويكون سطح الساحل رملي , وبين هذه الشعاب المرجانية ورمال الساحل توجد مظاهر بيئية بقاع البحر كبيرة في نشأتها وعظيمة في شكلها قد أثرت بشكل مباشر على زيادة النشاط الحضاري والإنساني منذ القدم وعلى مر العصور في هذه النقطة من أرخبيل البحرين , وهذه المظاهر لايعرفها الجميع ولاتكون واضحه للعيان الا لمن تفقد السطح وأبحر فيه من الصيادين والممتهنين للبحروهي عبارة عن ممرات مائيه ضيقه يستخدمها البحارة للخروج والدخول من والى الساحل وهي شبيهة بمعابر الأنهارويطلق عليها البحارة اصطلاحاً (أبواب) أو دروب وهي إحدى المفردات البحرية القديمة التي تعني بمفهومها بالممر المائي أو المعبر (وهي عبارة عن معبر أو نهر بحري من والى يستخدمه البحارة للمرور والتنقل والإبحار) وكل معبر طويل أو قصير يطلق عليه اصطلاحاً (باب) .
 بعض هذه الممرات المائية هي الاساس في تشكيل جغرافية سطح الساحل وبعضها من فكر وهندسة الاوائل من أجدادنا وذلك للحاجة الماسة في ركوب البحر وتسهيل المهام والعوائق لإيجاد ثغرات وفجوات تخرجهم من الساحل في أي وقت يريدون الذهاب فيه بالإضافة الى عامل استراتيجي أمني وهو الدفاع عن المنطقة ,وتستخدم هذه الممرات المائية للعبور بالقوارب والسفن الصغيرة خصوصاً حينما تكون حالة الجزر ظاهرة على السواحل فالاوائل من أجدادنا عرفوا تماماً هذه الفجوات للدخول الى العمق للإبحار وغدت نظاماً يعتمده البحارة بشكل يومي للتنقل من والى الساحل وهناك العديد من الممرات المائية بالقرب من الساحل أهمها وأشهرها على الإطلاق الباب الكبير أو الباب العود كما يطلق عليه البحارة والممتهنين للبحر.


1-الباب العود:
يقع الباب العود في الجهة الغربية من منطقة الشريط الممتدة للصخور والشعاب المرجانية الملامسة لموقع الحرف وهي النقطة السفلى للبندر ويصل بطوله الى الباب الصغير ,ويعد الباب العود من أشهر المعالم والرموز الساحلية للساحل الشمال الشرقي وترتبط بموقع الباب العود العديد من القصص والروايات في بنائه منذ عصور موغله بالقدم ويعتبر من أهم المعابر والممرات المائية ويعتمد عليه البحارة في دخولهم وخروجهم من الساحل في حالة الجزر, ويتميز الباب بهندسة رائعة وجميلة قل نظيرها عن بقية الأبواب فهو بلاشك من أروع ماعمله إنسان هذه المنطقة والذي يدل على النضج الفلسفي والفكري الذي يتمتع به البحارة وتوضح مدى الذوق الرفيع في التخطيط والهندسة الذي وصل اليه الإنسان بما يمتلكه من مواصفات ومميزات فنية رائعة وإبداعية تؤهله أن يدرج في قائمة الإبداع الإنساني والحضاري للتراث القديم في نماذج عجائب الدنيا السبع كما هي الإهرامات وحدائق بابل المعلقة .
للأحاديث والروايات التاريخية المنقولة عن الرواة تحكي أن هذا الممر المائي قد عمل عليه أجدادنا منذ القدم في قص الصخور والأحجار البحرية بحيث يكون بوابة للخروج والدخول من وإلا البندر وبالتالي الإبحار لصيد الأسماك أو لرحلات الغوص والاستخدامات البحرية الأخرى المتعلقة بمهنة البحر، وهناك رواية تقول إن الباب حفر قبل ما يقارب القرن والنصف أي في القرن التاسع عشر الميلادي إلا أن أغلبية الرواة يرون في هذه الرواية الضعف الخبري وأنها لا تصمد أمام استدلالاتهم التاريخية وما نقل لهم من أخبار الماضين من أجدادهم يدل على أن الباب العود له وجود قديم قد قام على هندسته وحفره متخصصون وحرفيون مهرة من أجدادنا الاوائل منذ قرون طويلة بحسب اعتقادهم.
والباب العود في صورته وشكله عبارة عن ممر مائي (نهر بحري) على هيئة انحدار من الأعلى إلى الأسفل ويتضح شكله في حالة الجزر أكثر في طوله وعرضه واتساعه ومضائقه وتكثر فيه التعرجات والمنحنيات ويتميز بقوة اندفاع الماء ممايؤدي الى ملامسة القارب للصخور إذا لم تحسن قيادة القارب مروره فيه ، وبحسب مجموعة من الرواة أن الباب العود شكل بهذه الصورة لأسباب مختلفة أهمها سببين رئيسين الأول احترازي أمني والثاني التخفيف من قوة التيار المائي من جريانه، وعرفت المنطقة قديماً بعدم الاستقرار السياسي وذلك لكثرة الحروب والفتن وتعدد الغارات البحرية على أهالي المنطقة المسالمين وبحسب الرواة أن الأوائل عملوا على المعبر بهذا الشكل أولاً كحصن يخدم الجزيرة من غزوات المعتدين ومانعاً يحميهم من دخول قراصنة البحر، وثانياً كمعبر للقوارب الصغيرة في دخولها وخروجها كما أن المغزى من تضييق فجوة الدروب والمنحنيات لعدم دخول السفن الكبيرة للمعتدي وبالتالي دخولها يعني التمكن من السيطرة على المنطقة، أما كثرت التعرجات والمنحنيات يكمن مغزاها الحقيقي في التخفيف من الأمواج والتيارات المائية المتدفقة من الأعلى العميق إلى الأسفل الأقل عمقاً والمعبر يمتد بمعبر آخر يطلق عليه اصطلاحاً (الباب الصغير) إلى أن يصل لمرسى القوارب الصغير المعروف بالغليل  .


2- الباب الصغير:
يقع الباب الصغير مابين الباب العود وموقع الغليل بشكل طولي ومن الجهة الشرقية يلامس الحرف والجهة الغربية ملامس بطح الساحل ,وهو يعتبر مكمل للباب العود لاتصاله به من الأسفل ويصل بمائه في حالة الجزر بالمنطقة المعروفه بالخريص الواقعه بمرسى الغليل ,وسطحه رملي وتنعدم فيه قوة التيار المائي لانفتاحه على السطح .


3- باب الدير:
وهو ممر صغير بطول مائة قدم تقريباً ويقع في الشمال الغربي للخور (البندر) وتطلق عليه تسميه أخرى تحت مسمى باب أهل الدير كما هو متعارف عليه عند أهالي المنطقة نسبةً الى مستخدميه في العادة وأكثرهم من صيادي وبحارة قرية الديرالمجاورة لسماهيج ويعتبر أقرب معبر للدخول منه الى البحرمن خلال البندر, ولاتبدو التسمية قديمة لهذا الباب بالدير أو اهل الدير بل إنها نشأة لفترات زمنية قريبة بحسب الرواة .

4- باب أم الدخاخين:
يقع في منطقة مليئة وكثيفة بالصخور والشعاب المرجانية في أطراف منطقة الحرف الغربية بين حضرتي الزقاقية (الزكاكية) والهاشمية ويبلغ طوله حوالي المائة قدم .


5- درب حميد:
نسبة الى المرحوم الحاج حميد بن الحاج حسين الحاج والتي أعتاد المسير وهو راكب على حماره ليوصله الى الحضرة المسماة باسمه ,ويبدو أن الدرب لم تكن قديمة كما هي الممرات الأخرى ويعتقد الكثير من البحارة ان منشئها كان في بدايات الستينيات من القرن العشرين , ويبلغ طول الدرب حوالي المائتي وخمسين قدم أو اكثر وموقعها أسفل (سافل) موقع الغليل الى مدخل الحرف .


6-الممرات الداخليه:
وهي عبارة عن ممرات داخليه صغيره لاتتجاوز عدة أمتار في بعض مواقع الساحل والتي كان البحارة يصنعونها بأنفسهم لتهية الدرب والطريق عن الأذى والمشقة والتي يستفاد منها للرسو والعبور من والى كما هي في بعض أطراف موقع الحرف وكذلك في موقع رأس الحد شرقاً من قبيل ممرات وأبواب (الراحة,الحالات,سعادات,كحة ربيع,المرقة,قلالي) وغيرها من الدروب والممرات المترامية والمختلفة بالساحل الشمال الشرقي للمنطقة .

25-10-2010