روح الله صانع وقارئ للتاريخ
بقلم – جعفر يتيم
الكثير من الشخصيات العالمية برزت وابدعت وانتجت في مجالات علمية ومهنية وفنية وخدموا البشرية بعلمهم وفكرهم ومنجزاتهم العلمية ,والعديد من القيادات الدينية والسياسية قاموا بثورات التغيير وحققوا طموحات وأحلام شعوبهم المقهورة والمضطهدة من نير الاستعمار والحكام المستبدين ,والتاريخ في سجله الكثير من أسماء هؤلاء المفكرين والمبدعين الثائرين ,ولكن أن ترى شخصية صانعة للتاريخ ومؤثرة قد أجرت تحولات وتغييرات جذرية على المجتمع بهويته وانتمائه لم نجد ولم نسمع بهذه الصناعة التاريخية الفريدة في العصر الحديث مثل شخصية آية الله العظمى السيد روح الله الموسوي الخميني رحمه الله ,وذلك لأمور كثيره ومن أهمها أن هذه الشخصية جامعة للدين والسياسة والفكر والقيادة وتتميز شخصيته بكارزمية قل نظيرها في العالم ,فهو الإنسان الثائر والقيادي والمفكر والسياسي والمنظروالفقية والمرجع والعالم وصاحب النظريات الإسلامية .
صناعة التاريخ ليس أمراً بسيطاً وسهلاً ذلك لأن هذه الصناعة والتي نعني بها التحولات والتغيرات التاريخية الصعبة يقوم بها القادة الأباة والعظماء ومن أبرزتلك الشخصيات هي الشخصيات الربانية من الأنبياء والرسل والائمة المعصومين عليهم السلام وهي تأتي في المقام الأول ,وهناك شخصيات تأتي في المقام الثاني من العلماء والمفكرين والأحرار والمستضعفين والذين يأتون متأثرين من شخصيات المقام الأول ,وشخصية الامام الخميني حذت نحو تلك القادة العظماء القديسيّن الذين غيروا مجرى التاريخ مماهو قائم عليه وملئوا مجتمعاتهم المتخلفة ايماناً وعلماً وهداية وقاموا بالتحولات الاجتماعية والحضارية لأقوامهم كما هو دور خاتم الانبياء والرسل محمد (ص) في قلب الموازين والعادات والتقاليد الدينية والاجتماعية في قومه وامتد ذلك في عموم شبه الجزيرة وأطرافها بعد أن كانت متخلفة وغارقة في الجهل وعبادة الأوثان ومن ثم نقل هذه المجتمعات الى عالم الهداية والنور والتبصروالعلم.
إحدى العبارات القيّمة للإمام والتي من يتفحصها ويتأمل فيها يلقى مضمون صناعة التاريخ والتحولات التاريخية في روحها ( لقد ابدل شعبنا التاريخ,وغير وجه) (1) الآ أن الحقيقة التاريخية تقول إن الذي غير التاريخ ليس في ايران فحسب وانما في منطقة الشرق الاوسط هو صاحب العبارة ,فإذا كانت لايران الشاهنشاهيه تتجاذب القوى بين الإدارة الامريكية (الرأسمالية) وروسيا (الشيوعية) فقد أخذ التغيير مجراه في تجسيد شعار (لا شرقية ولا غربية، جمهورية إسلامية) ,وبعد لم يكن أحد يجرأ أن ينتقد الإدارة الأمريكية والكيان الصهيوني الغاصب لفلسطين واجههم الإمام بسياسة صارمة وحاسمة , من خلال هذه الاستراتيجية والفكرالاسلامي حوّل الإمام الخميني هذه المبادئ الى صناعة تاريخية حديثة بالمنطقة ومنها تغيّرت الموازين والحسابات السياسية الدولية في المنطقة والعالم بأسره والى الآن هذه السياسية قائمة ويتمسك بها القادة الايرانيون تجاه أمريكا وحلفائها من الغرب والكيان الصهيوني.
أكتب ذلك ونحن نعيش التغيرات والتحولات الكبيرة في المنطقة العربية وكان الإمام الإمام الراحل قد تنبئ سياسياً وبشر بها كما هي قراءته العميقة للتاريخ من قبل في خطبه وكلماته لشعوب المنطقة وحكوماتها (إن التاريخ يشهد أن أي قوة لاتستطيع إخماد النار المتأججة في قلب أي شعب مظلوم ,ثار من أجل الحرية والاستقلال ) (2) وفي مقام آخر ينصح الحكومات الاسلامية ودول المنطقة ( يجب على الدول المنطقة أن تعلم , أن أمريكا أو أية قوة أخرى لن تدعمها عندما تقع في مأزق ) (3) وها نحن نستذكرتلك التغيُرات التاريخية والإنجازات العظيمة للإمام بهذه التغيرات الجارية من خلال ذكرى رحيله الأليم في يوم الرابع من يونيو لسنة 1989م.
4-6-2011
_______________
-(1,2,3) الكلمات القصار مواعظ وحكم من كلام الامام الخميني – دار الوسيلة/بيروت-لبنان /1995م الطبعة الأولى .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق