طبيعة السواحل

طبيعة السواحل

الخميس، 13 يونيو 2013

الجرأة في اعادة التاريخ.

الجرأة في اعادة التاريخ

بقلم- جعفريتيم
من يقول أن التاريخ لايعيد نفسه ، ومن يقول أن التاريخ للاستذكار والعبرة فقط ، إن التاريخ يعيد نفسه مرات ومرات عديدة ، ويمكن للباحث والقارئ أن يتوصل الى أحكام وقوانين تاريخية واجتماعية من خلاله ، ونجد ذلك في أمثلة ونماذج متعددة بالنسبة للتاريخ السياسي المعاصر والحديث لأرخبيل البحرين ، فمن يتفحص أحداث بداية العقد الثاني من القرن العشرين يجد أن بعض المسائل تعيد نفسها ولكن بشكل آخر وبمسيات أخرى وأدوار متنوعة ، إلا أنّ الفكر والعقلية والإيديولوجية هي هي نفسها لم تتغير .
فمنذ الإعلان عن الإصلاحات في فترة العشرينيات من قبل المعتمد السياسي الميجر (دالي) وحاكم البلاد حمد بن عيسى آل خليفة اتضحت المعالم السياسية والاجتماعية في تلك الفترة بين من يريد الحرية وبين من يريد الهيمنة والسيطرة والتسلط من جهة أخرى والبقاء على ماهو عليه من نظم الاقطاع والسخرة .
أدى هذا الانقسام في البلاد الى تكوّن معسكرين متناقضين ، معسكر ينشد ويطالب بالاصلاحات (سكان الأرياف والقرى) ومعسكر رافضاً لها من قبل (بعض شيوخ العائلة الحاكمة ، القبائل العربية) وهي النقطة التي يمكن أن تُقرأ في سطور الماضي القريب ونحن نراها حالياً متجسده على أرض الواقع لما تعيشه البحرين من مخاض عسير بين جميع الأطراف السياسية والإجتماعية والدينية .
ولعل المسألة المتشابكة بين الماضي والحاضر هي مسألة الفطرة الإنسانية في التوق إلى الحرية ومناهضة العبودية تتضح أكثر في نقطة التعاطي ايجابياً مع طرح الاصلاحات ، أوالرفض للإصلاحات واتخاذ الموقف السلبي منها علي حساب مصلحة الانسان والوطن وتصب في مصلحة القبيلة والبازار والاقطاع ، مماحدى بهذا التيار الرافض لافتعال الازمات والضغط على المعتمد السياسي والنظام للتنازل بأشكال عديدة ، أهمها الهجوم على القرى والأرياف وهم أهل البلد الأصليين المسالمين الذين وقفوا مع الاصلاحات بايجابية ، وتمت الإغارة من قبل الجماعات القبلية وفداوية المتنفذين من العائلة الذين عارضوا الاصلاحات ووقفوا منها موقفاً سلبياً، فقد أغار هؤلاء على مناطق سترة وباربار وعالي وغيرها من القرى المسالمة ، ويعود التاريخ نفسه اليوم كما فعلها وقام بها بعض الجماعات المتنفذه والظلامية المألهة للذات الانسانية بهجومهم على القرى المسالمة والمحال التجارية بصور أخرى مختلفة .
وفي نموذجاً آخر للفترة المتصلة من أحداث العشرينيات من القرن الماضي وماتلتها من أحداث سياسية ساخنة وصولاً الى الرابع عشر من فبراير2011م وبالتحديد في أعوام السبعينيات من القرن الماضي اتضح بروز التناقض في السّلم الهيكلي للنظام البحريني والذي يكمن خلله في منصب رئاسة الوزراء من خلال  سلطته وصلاحياته المتداخلة بينه وبين منصب وزير الدفاع والذي هو نفسه ولي العهد .
وفي هذه المسألة يرى صاحب كتاب القبيلة والدولة اسحق خوري الازداوجية في السلطة (من هنا يرى الباحث امكانية بروز ازدواجية في السلطة بين رئيس الوزراء (الشقيق) وولي العهد ووزير الدفاع (الابن) ،اذ ان الابن ، بصفته ولياً للعهد بتمتع بنفوذ يتجاوز رئيس الوزراء ، ولكن سلطته كوزير للدفاع تضعه في مرتبة أدنى من رئيس الوزراء (الشقيق) (1).
وإلى يوم الاثنين بتاريخ 11-3-2013 ورئيس الوزراء لايزال موجود في منصبه بمحصله لأثنين وأربعون عاماً ، وهنا يعيد التاريخ نفسه مرة أخرى حينما صدر الامر الملكي (2) بتعيين ولي العهد ونائب القائد الأعلى  نائباً أولاً لرئيس الوزراء من مجموع خمسة نواب لرئاسة الوزراء ، مايعني تداخل السلطات والصلاحيات بين رئاسة الوزراء وولاية العهد مرة أخرى .
الاعادة هنا في التاريخ لاتعني بالاهتمام بحجة تطـويـر أداء أجهـزة السلطـة التنفيذيـة كما يُدّعى إعلامياً أو التقدم والتغييّر في أسلوب السلطة ، أوالترحيب بالقرار بالداخل والخارج فكل ذلك اجرائات تتم وتدخل في أسلوب الكر والفر بين النظام والمعارضة والهروب من الاستحقاقات الوطنية والسياسية من قبل النظام ، وإنما الاعادة للتاريخ ومايحمله من مضمون ينظر له في السلوك والعقلية والجرأة في تكرار اعادة التاريخ السياسي الذي اعتادت عليه هذه الشخصيات والجماعات الرافضه للاصلاح ، ومن يسبح في فلكها لتبنيها هذا الفكرالإقصائي الممزوج بايديولوجية ملتويه ليكون عنواناً ظاهراً ونهجاً أصيلاً ومزدوجاً في نظمها  .

10-5-2013
_____________
1-القبيلة والدولة في البحرين / د.فؤاد اسحق خوري - الفصل الخامس (ص 199 ) .
2- صحيفة الوسط البحرينية - العدد 3838 - الإثنين 11 مارس 2013م الموافق 28 ربيع الثاني 1434هـ http://www.alwasatnews.com/3838/news/read/745691/1.html


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق