طبيعة السواحل

طبيعة السواحل

الاثنين، 17 يناير 2011

المعالم الساحلية لسماهيج (13)

التطور الفكري لدى البحارة
بقلم-جعفريتيم
يتميز رجل البحربالقوة والصلابة الجسمانية التي يكتسبها من خلال مهنته الدؤبة على ركوب البحر والغوص في أعماق البحار ,ويتصف بالصبر والجرأة وتحمل الشدائد لمايواجهه من أخطار محدقة في أكثر أوقاته ,الآ أن هذه الصفات لاتقف عند حد معين في تكوين شخصيته بل تمتد الى شمول البصيرة والتفكر والعلم والمعرفة عن كل ماتتطلبه المهنة , فالبحار والصياد كغيره من أصحاب المهن الأخرى يتأمل ويتفكَر ليصل الى هدفه المأمول وضالته التي ينشدها.
ولعل التفكر هو أول الامور التي يستشعرها ومن ذلك كان له نصيب وافر من المعرفة والعلم والإستكشاف في عدت جوانب حياتية , فعرف من أول وهلة كيفية اصطياد الأسماك من خلال المصائد البدائية الصغيرة (السلال والمشخال) وأمتد تفكيره الى مايسمى بمصيدة القرقور (الحيزة) الذكية ونصب المصائد البحرية (الحضور والمساكر) ومن هذا التفكير بدأ الفن والهندسة في كيفية صناعة المصيدة في أسلوب مخادع يطلق عليه (الفج) وهو الذي تدخل منه السمكة ولاتستطيع الخروج من المصيدة وكذلك بالنسبة لرسم وتخطيط صناعة الحضرة في مركزها (السر) والرحابين والمدَين ,وبهذا التطور الفكري توصل البحاَر بفكره الى أفضل الطرق والأساليب وأنماط الصيد في الشباك والغزل والحداق وغيرها من الطرق المعروفة التي ابتدعها باتقان لزيادة محصول الأسماك ولعل في زيادة محصول السمك بجميع انواعه عرف كيف يستفيد منه بتجفيفه (تمليح) بعض أصنافه (الصافي ,الشعري,الفسكر) عن طريق الملح المحلي لاكله في مواسم معينة في السنة والذي يطلق عليه اصطلاحاً (احلى) وهذه الطريقة تعتبر من الطرق القديمة المشهور التي اعتاد عليها أهالي المنطقة وهي تدل على الفكر الإقتصادي لدى البحار ولازالت هذه الطريقة تستخدم في بعض منازل البحارة والتي يتم بيعها على الأهالي .
وفي جانب آخر عرف البحار كيف يستثمر وقته في منسوب الماء (الماية) لحالتي المد والجزرلكي يستفيد منها في زيادة الإنتاج , وفي تطور ملحوظ تدل الممرات المائية الضيقة على نضج وسلامة التفكير الذي يتمتع به البحار وذلك لتأمين خروجه ودخوله لعمق البحر والساحل ومن ذلك كانت هناك أبواب وممرات بالقرب من الساحل أصبحت كنظام معروف لدى البحارة ولعل الباب الشهير المسمى بالباب العود هو أفضل دليل واضح على التفكير السليم والصحيح لهذا البحار.
الا أن البحارلم يقتصر فكره على استثمار السطح والساحل بل امتد ذلك الى العلم والمعرفة بطوالع النجوم التي تهديه الى الطرق البحرية الموغلة من خلال السفن الكبيرة لمصائد اللؤلؤ ومحميات الأسماك ووصل الى نقاط بعيدة عن الساحل الشمالي الشرقي للجزيرة في ماتسمى بالفشوت والنجوات المعروفة في وسط الخليج .
ويرى من خلال الحفظ والتوقيت كيف كان البحار يلم بمعرفته لتوقيت ظاهرتي  المد والجزر ويعلم بأحوال المناخ ومواسم التيارات الهوائية (الضربات) ومع معاصرة البحار لسنين طويلة في البحر كانت لديه اللغة المتبادلة بين أقرانه من الممتهنين للبحرفي إطلاق التوصيفات والمفاهيم والمصطلحات البحرية والكلمات والأسماء والأعلام على المناطق والجهات وتوصيف الأدوات والأساليب والانماط وطرق الصيد المتبعة.
كل هذه الجوانب الفكرية التي تشمل الفن والعلم والمعرفة توضح مدى النضج والنشاط الفكري الذي امتاز به البحار وتطور فكره على مر العصور لينقل فكره من جيل الى جيل ,ومع هذا الفكر والفن والمعرفة لدى البحار كانت لديه صفة  الإلتزام بالحفاظ على بيئته الطبيعية البحرية منها والساحلية في عمرانها وسلامتها من العبث والضياع لانه وبشكل فطري يعلم أن هذه الطبيعة ليست له وحده بل أن هناك أجيال بعده تأتي وتستفيد منها على مر العصور ,وبفطنة حفاظه على البيئة وسلامتها اعتبرها البحارمسؤلية يجب عليها مراعاتها .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق