طبيعة السواحل

طبيعة السواحل

الاثنين، 23 نوفمبر 2009

العمل الإسلامي الأهلي.. هيئة الوسيلة مثالاً

يندفع بعض المتابعين إلى الاطمئنان إلى أنّ صورة العمل الإسلامي الأهلي تقترب شيئاً فشيئاً إلى تكوين أنماطها الجديدة، وأنّ الأنشطة الإسلاميّة باتت أقرب من أي وقت مضى إلى ذلك التّكوين التّسامحي الذي يضمّ المتغيّرات وينسجم مع الضرورات الطارئة، وإنْ كانت موضع ريبة أو كانت في زمن غابر محاطة بالنبذ والتّحريم الاجتماعي. يمكن أن تُوضع حملات «ركاز» بوصفها مثالاً نموذجياً على هذا التّحليل، حيث ما عادت الدّعوة الإسلاميّة مجرد خطاب مباشر، وموجّهة نحو موضوعات معروفة سلفاً، كما أنّها لا تُحيط نفسها بحصار نفسي ومجتمعي يمنعها من الانخراط في حلقات المجتمع ومؤسّساته المختلفة، ....
وبما فيها المراكز التّجاريّة والنوادي الرّياضيّة والصّالات العامة والمقاهي الشّعبيّة والحديثة. ليس بعيداً عن ذلك ما تُقدِم عليه «المآتم»، بطريقة انسيابيّة، حين تستثمر الاهتمامات العامة لإحاطة الجمهور واستقطابه، على نحو ما تفعله كثير من الملاحق التابعة لهذه «المآتم» بفتح أبوابها أمام النّاس لمتابعة مباريات كرة القدم المعروضة على القنوات الخاصة المشفّرة، وهي إذ تكسر احتكاراً معيّناً لا تراه شرعيّاً، وبأسلوبٍ لا يُثير إشكالا دينيّاً من وجهة نظرها، فهي كذلك تنخرط في عمق الاهتمام الدّنيوي لضمان استقطاب ديني مُضمر، ومؤجّل. ولكن ما يسترعي الانتباه أكثر هي تلك المراكز والهيئات الإسلاميّة التي تتحرّك على هامش المؤسّسات المركزيّة التقليديّة. فرضت هذه الهيئات ثقافات إداريّة ومناهج عمل وآليات تواصل كثيراً ما امتعض منها الخطاب المركزي، فالانتخاب والانفتاح على الموضوعات الرّاهنة واستخدام الوسائل الحديثة والملتميديا وإدخال فنون المسرح والإنشاد وغيرها، كلّ ذلك بدأ بالتدحرج إلى قعر المجتمع الدّيني عبر تلك الجماعات الدّينيّة «المعاصرة» التي تتشكّل في أغلب المناطق داخل المراكز الدينيّة الحديثة. لا تخرج هذه المراكز عن محورها المرجعي، ولكنها في الوقت نفسه تمارس لونها الخاص في التجديد، وباستثمارات ذكيّة مستوحاة من مواقع مرجعية مستدعاة من الخارج إذا لزم الأمر. ولأجل فهْم تكوّنات تلك المراكز وخلفيات منشئها، يمكن التمثيل بهيئة «الوسيلة» في قرية سماهيج. يقول الكاتب جعفر يتيم بأنّ الهيئة تدخل عامها الخامس وهي على أعتاب دورة انتخابيّة جديدة، وتمارس دوراً دينياً واجتماعياً وثقافياً وبالتلاقي مع بقية المؤسّسات. كما في بقية الحالات، فإنّ هيئة الوسيلة انطلقت من أرضية النشاط الدّيني القائم في المساجد والدّروس التوجيهية والتربوية فيها، ولكن يتيم يرصد الانتقال إلى الانتخاب وكسْر آلية التعيين باعتباره المنطلق الحقيقي للهيئة، وبعدها بدأ السّعي لوضع نظامها التأسيسي واستكمال بنائها التنظيمي الخاص، ولكن ظلّ ذلك برعاية من المجلس الإسلامي العلمائي (الذي يمثّل تيار الشّيخ عيسى أحمد قاسم)، وفي كلّ الخطوات.

جريدة الوقت - العدد 1187 الجمعة 26 جمادة الأولى 1430 هـ - 22 مايو 2009

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق